هيباتيا…الفيلسوفة التي قتلها الجهل

0

ولدت هيباتيا في الاسكندرية (مصر)، هي فيلسوفة لمعت في الفلسفة المحدثة والرياضيات وعلم الفلك، تعتبر أول امرأة في التاريخ عرفت كعالمة رياضيات. اشتهرت بأساليبها الإبداعية عند إلقاء محاضراتها حيث تتبع أسلوب الحوار للوصول إلى المعنى الجوهري لكل فكرة تناقشها.

كانت الدليل الأول الذي استنجد به كل طلابها، فقد تركت الأثر الكبير في قلوب وعقول كل من عرفها. إضافة إلى كونها من محفزي تحرير العقل من القيود الدينية التي في نظرها هي حاجز يفصلها عن المعرفة الحقيقية.

لديها العديد من المحاضرات التي ناقشت أساطير تناقلت عبر العصور، قامت هيباتيا بفك رموزها التي كشفت الغطاء عن النفس الإنسانية.

هيباتيا - لوحة ل "لتشارلز كينجسلي"
هيباتيا – لوحة ل “لتشارلز كينجسلي”

 

اقرأ أيضاً على أعجمي: مارغريت تاتشر “المرأة الحديدية” التي قادت بريطانيا.

 

وكون هيباتيا من الشخصيات المؤثرة والمحفزة للمعرفة والعلم والتحرر الذهني، نالت الكثير من البغض والضغينة من قبل رجال الدين في مدينتها وخاصةً في فترة انتشار الفكر التبشيري للدين المسيحي. كان لها الكثير من الأعداء كما كان لديها الكثير من المعجبين، لقبوها ب”الساحرة” بسبب نشرها تعاليم تتناقض مع تعاليم الدين المسيحي، على الرغم من أن هيباتيا كانت تحفز طلابها على الاكتشاف وعدم الأخذ بنصوص ثابتة أو نهج محدد لأن الحقيقة في نظرها لا يمكن حصرها في كتاب أو قوانين وأنظمة.

وهذا ما أدى إلى التنكيل بها من قبل الكهنة المسيحيين، وسفك دمها أمام سكان المدينة حيث جروها من عربتها، مزقوها، واحرقوها، وإمعاناً في تعذيبها حرقوا مؤلفاتها مهللين بصيحة النصر، تاركين غصة في قلوب كل من عرف هذه الأسطورة التي كانت ومازالت كلماتها الطريق باتجاه الحقيقة والمعرفة.

أهم أقوال هيباتيا:

 

هيباتيا

 

من أقوالها المأثورة التي استنتجتها واستشفتها بفضل تأثّرها بأفلاطون وغيره من فلاسفة وعلماء قدّروا قيمة العقل ومدى قوته:

 

  • “كل فيلسوف حقيقي هو متصوف، إذ يعطي تعبيراً لفظياً لتجربته الصوفية، ثم يعتقد أن هذا التعبير هو التعبير الممكن الوحيد أو التعبير الصادق الوحيد عن التجربة”

 

  • “التجربة الصوفية التي تنتهي إليها الممارسة الفلسفية ليست إنكاراً لواقعية العالم الموضوعي ولا إغفالاً لها، لكنها كشف لاعتماد العالم الموضوعي على الحقيقة المتسامية”

 

  • “لا يمكنك أن تقول عن أي شيء معين هذا أو ذاك. كل ما يمكنك قوله هو : ها هنا حالٌ ما، وبينما تقولها يكون الحال قد استحال حالاً مختلفاً”

 

 

  • “المعقول هو في طبيعته الذاتية متجاوز للزمن، وبهذا المعنى فهو أزلي لكنه يدخل في الكينونة وتزول عنه الكينونة‏. الفكرة الأصيلة أو القصيدة أو الأغنية أزلية إلا أنها تولد وتزول، لا شيء محدد يدوم فكل موجود زائل”

 

  • “إذا كانت الأشياء متعددة فسوف تكون بالضرورة متشابهة وغير متشابهة معاً، لكن الأشياء المتشابهة لا يمكن أن تكون غير متشابهة، والأشياء الغير متشابهة لا يمكن أن تكون متشابهة، وإذاً فإن الأشياء لا يمكن أن تكون متعددة”

 

  • “إذا كان الإنسان إنساناً لأن له صورة إنسان فلابد من صورة ثالثة مطلوبة لشرح كيف يكون الإنسان وصورة الإنسان‏ كلاهما له صورة إنسان”

 

  • “إننا كأفراد متناهين لسنا مصدر الحقيقة ولكننا نحن أنفسنا موجودون في الحقيقة”

 

  • “لا فكر محدد يكون كلاً ومكتفياً بذاته، لا يمكن أن يجد العقل التنوير إلا داخل ذاته، ولا ينبغي أبداً أن تجد راحة في أي صياغة محددة أو نهائية أو ثابتة”

 

  • “لا تركن أبداً إلى الوهم بأنك قد وضعت يدك على الصدق التام”

 

  • “ما هي فائدة كل فلسفتنا حول الخير والحق عندما نكون في العالم الفعلي مستعبدين بقواعد أخرى”

 

معلومات إضافية عن حياة هيباتيا:

هيباتيا هي ابنة ثيون آخر زملاء سيزاريوم الإسكندرية الذي كان إما ملاصقا لمكتبة الإسكندرية أو بداخلها، والذي كان معلمها وآخر علماء الرياضيات المعروفين، والمنتمين إلى مدرسة الإسكندرية. وقد سافرت إلى أثينا وإيطاليا للدراسة قبل أن تكون عميدة للمدرسة الأفلاطونية نحو عام 400 ميلادية. وقد عرفت هيباتيا بدفاعها عن الفلسفة والتساؤل، ومعارضتها للإيمان المجرد.

كانت هيباتيا، بحسب للموسوعة البيزنطية المسماة (سودا) والتي صدرت في القرن العاشر الميلادي، أستاذة فلسفة وعلّمت فلسفتَي أرسطو وأفلاطون على السواء. وكان بين طلابها عدد من المسيحيين والأجانب، ورغم أنها كانت لا تؤمن بأي إله (لا يوجد مصدر يؤكد دينها)، إلا أنها كانت محل تقدير وإعجاب تلامذتها المسيحيين واعتبرتها في العصور اللاحقة بعض المؤلّفين المسيحيين رمزًا للفضيلة. وأشيع أنها كانت زوجة الفيلسوف ايزودور السكندري غير أنها بقيت طوال حياتها عذراء. ويحكى أنها رفضت أحد خطابها عن طريق إعطائه خرقة بها بقع من دمها موضحة له أنه لا يوجد «شيء جميل» في الرغبات الجسدية.

 

هيباتيا

 

تبادلت هيباتيا مراسلات مع تلميذها السابق سينوسيوس القورينائي، الذي أصبح عام 410 ميلادية أسقف بتلومياس (ليبيا). وتعتبر هذه الرسائل مع كتابات دامسكيوس عنها المصادر الوحيدة المتبقية عن هيباتيا من طريق طلابها.

يتحدث المؤرخ الكنسي سقراط عن هيباتيا في كتابه «تاريخ الكنيسة»، قائلاً: «كانت هناك امرأة في الإسكندرية تدعى هيباتيا، وهي ابنة الفيلسوف ثيون. كانت بارعة في تحصيل كل العلوم المعاصرة، مما جعلها تتفوق على كل الفلاسفة المعاصرين لها، حيث كانت تقدم تفسيراتها وشروحاتها الفلسفية، خاصة فلسفة أفلاطون لمريديها الذين قدموا من كل المناطق، بالإضافة إلى تواضعها الشديد لم تكن تهوى الظهور أمام العامة. رغم ذلك كانت تقف أمام قضاة المدينة وحكامها دون أن تفقد مسلكها المتواضع المهيب الذي كان يميزها عن سواها، والذي أكسبها احترامهم وتقدير الجميع لها. كان والي المدينة (اورستوس) في مقدمة هؤلاء الذي كانوا يكنون لها عظيم الاحترام.»

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.