مارغريت تاتشر “المرأة الحديدية” التي قادت بريطانيا

0

أول سيدة تفوز برئاسة وزراء بريطانيا، إنها مارغريت تاتشر القائدة التي لطالما أثارت الجدل خلال فترة تمثيلها لحزب المحافظين.

لمحة موجزة:

  • ولدت مارغريت تاتشر التي أصبحت رئيسة حزب المحافظين في 13 أكتوبر 1925، جرانثام، انكلترا.
  • وفي عام 1979 تم انتخابها كأول امرأة تستلم رئاسة الوزراء.
  • في خلال فترات عملها الثلاث، أضعفت عمل برامج الشؤون الاجتماعية، وحجمت قوة النقابات العمالية، وخصخصت عدة صناعات.
  • استقالت تاتشر عام 1991 نتيجة لسياسة غير شعبية، وصراعات سلطوية داخل حزبها.
  • توفيت في 8 نيسان 2013 عن عمر يناهز 87 عاماً.

سنواتها الأولى:

ولدت مارغريت هيلدا روبرتس في انكلترا. لقبت ب “المرأة الحديدية”، خدمت تاتشر رئاسة الوزراء بين أعوام 1979 _ 1990.
هي ابنة رجل أعمال محلي، تعلمت في مدرسة القواعد المحلية “ثانوية غرانثام للبنات “. أدارت عائلتها متجراً للخضار وسكنوا جميعهم في شقة تعلو المتجر.
في سنواتها الأولى، تم تعريفها إلى السياسة المحافظة من قبل والدها، الذي كان عضواً في مجلس المدينة.

اقرأ أيضاً على أعجمي : 10 شخصيات مؤثرة في ثقافة أميركا الجنوبية

كانت تاتشر طالبة مجدة، حيث تم قبولها في جامعة اكسفورد، وهناك درست الكيمياء في Somerville College . أحد معلميها كان Dorothy Hodgkin العالم الحائز على جائزة نوبل.
تجسد نشاطها السياسي في فترة شبابها بخدمة رئاسة اتحاد المحافظين التابع للجامعة.
منحت شهادة في الكيمياء عام 1947، وواصلت عملها كباحثة كيمياء في Colchester، وفيما بعد عملت كباحثة كيمياء في Dortford.

منحت تاتشر شهادة في الكيمياء عام 1947
منحت تاتشر شهادة في الكيمياء عام 1947

انخراطها المبكر في السياسة:

بعد سنتين من تخرجها من الجامعة، أقدمت تاتشر على خطوتها الأولى في المكتب العام، لقد شغلت المقعد النيابي الممثل عن المرشحين المحافظين عن دارتفورد عام 1950. علمت تاتشر منذ البداية صعوبة الفوز في وجه حزب العمال التقدمي ولكنها بكل الأحوال قد كسبت احترام أقرانها في حزبها السياسي بفضل خطاباته.
مهزومة هي، لكن تاتشر بقيت محافظة على شجاعتها وأعادت المحاولة في السنة التالية، ولكن محاولاتها باءت بالفشل. وبعد شهرين من الخسارة تزوجت من دينس تاتشر.

في عام 1952، وضعت تاتشر عملها السياسي جانباً لتدرس الحقوق. رزقت هي وزوجها بتوأم (كارول ومارك) في السنة التالية، وبعد إتمامها تدريبها حازت على صفتها كمحامية عام 1953، ولكنها لم تستطع الابتعاد كثيراً عن الميدان السياسي فحصلت تاتشر على مقعد في مجلس العموم عام 1959 ممثلة Finchley.

من الواضح أنها امرأة يواصل نجمها في السطوع، فقد عينت تاتشر من قبل البرلمان كوزيرة المعاشات والتأمين الوطني عام 1961 .
وفي الوقت الذي كان حزب العمال مهيمناً على السلطة أصبحت هي عضواً في حكومة عرفت باسم حكومة الظل، وهي مجموعة من أهم قادة الأحزاب المسيطرة.

 شغلت المقعد النيابي الممثل عن المرشحين المحافظين عن دارتفورد عام 1950
شغلت المقعد النيابي الممثل عن المرشحين المحافظين عن دارتفورد عام 1950

أول سيدة ترأس مجلس الوزراء:

فعندما عاد حزب المحافظين إلى العمل في حزيران 1970، عينت تاتشر كوزيرة للثقافة والعلوم، وقد أطلق عليها آنذاك لقب ” تاتشر، مختلسة الحليب”، بعد إبطالها لبرنامج توزيع الحليب المدرسي المجاني العالمي.
وجدت لاحقاً منصبها محبطاً للآمال ليس بسبب الضغط السيء عليها من جراء تصرفاتها بل لأنها تجد صعوبة في جعل رئيس الوزراء آنذاك ” إدوارد هيث” يستمع لاقتراحاتها. وعلى مايبدو، خلصت إلى أن مستقبل المرأة السياسي في البلاد هو مجرد وهم، كما اقتبس عنها سابقاً عام 1973 خلال ظهور تلفزيوني قولها ” لا أعتقد في زماني ستصل امرأة إلى منصب رئاسة الوزراء “.

وسرعان ما أثبتت تاتشر أنها مخطئة، فبعدما خسر حزب المحافظين السلطة عام 1974 أصبحت تاتشر قوة مهيمنة في حزبها السياسي.
انتخبت كقائدة لحزب المحافظين عام 1975 وأزاحت “هيث” عن منصبه. ومع هذا الانتصار أصبحت تاتشر أول امرأة تخدم كقائدة معارضة في مجلس العموم. في حينها كانت انكلترا تعاني من اضطراب اقتصادي وسياسي، مع إفلاس متوقع للحكومة وازدياد الطلب على التوظيف، وصراعات مع الاتحادات النقابية. ساهم هذا التأرجح بعودة المحافظين إلى السلطة عام 1979. ومع عملها كرئيسة حزب صنعت تاتشر تاريخاً عندما عينت في أيار 1979 كأول رئيسة وزراء امرأة في بريطانيا.

أول امرأة تخدم كقائدة معارضة في مجلس العموم
أول امرأة تخدم كقائدة معارضة في مجلس العموم

قيادتها لحزب المحافظين :

أثناء عملها كرئيسة وزراء، حاربت تاتشر الركود الاقتصادي في البلاد لترفع بداية من أسعار الفائدة لكبح التضخم. لقد عرفت أيضاً بتدمير الصناعات التقليدية البريطانية خلال هجومها على المنظمات العمالية كالنقابات الصغيرة، وقيامها بالخصخصة الواسعة للعقارات التابعة للدولة والنقل العام. كان من أقوى حلفائها رئيس الولايات المتحدة Ronald Reagan وزميلاً لها في حزب المحافظين، تشارك الاثنان الرؤى اليمينية ووجهات النظر السياسية والفلسفية.

واجهت تاتشر تحدياً عسكرياً في فترتها الأولى، ففي نيسان 1982 غزت الأرجنتين جزر فالكلاند (هذه المقاطعة البريطانية لطالما كانت منشأ صراع بين القوميتين، فالجزر واقعة على محاذاة ساحل الأرجنتين). وبإجراءات سريعة أرسلت تاتشر قوات بريطانية إلى المقاطعة لإرجاع الجزر تحت حكمها والتي عرفت آنذاك ب”حرب فالكلاند”. استسلمت الأرجنتين في حزيران 1982.

وخلال فترة عملها الثانية من عام 1983 إلى عام 1987 عالجت تاتشر عدة قضايا وأزمات، أكثرها شراسة محاولة اغتيالها عام 1984 من قبل الجيش الايرلندي الذي خطط لقتلها بزرع قنبلة أثناء مؤتمر للمحافظين في براتن في تشرين الأول. خرجت منها تاتشر شجاعة غير آبهة وغير متأثرة، وأصرت على متابعة المؤتمر وألقت خطاباً في اليوم التالي.

وفي إطار السياسة الخارجية التقت تاتشر ب Mikhail Gorbachev القائد السوفييتي آنذاك عام 1984 . وفي نفس الوقت وقعت اتفاقية مع الحكومة الصينية بخصوص مستقبل هونغ كونغ.
وعلانية، أجهرت تاتشر بدعمها ل”رونالد ريغن” بالقيام بالغارة الجوية على ليبيا 1986 والسماح للقوات الأميركية بالاستعانة بالقوات البريطانية لصد الهجوم.

تاتشر و ميخائيل غورباتشوف - موسكو 1987
تاتشر و ميخائيل غورباتشوف – موسكو 1987

الاستقالة:

بالعودة إلى فترتها الثالثة 1987 ، سعت تاتشر إلى تنفيذ منهاج دراسي تعليمي في أرجاء البلاد والقيام بتغييرات في النظام الطبي الاجتماعي أيضاً. ولكنها مؤخراً قد خسرت الكثير من الدعم من بعد محاولاتها تنفيذ ضريبة محلية مرتفعة ثابتة مصنفة كضريبة اقتراع وقيامها بحرمان من تمنع عن الدفع، ومع اعتراض شعبي كبير قادت هذه السياسة إلى احتجاجات شعبية واسعة وسببت خلافات حتى داخل حزبها.

بدأ الضغط على تاتشر بالتنحي عن القيادة في عام 1990 وكنتيجة لهذا الضغط رضخت تاتشر، وأعلنت عن نيتها بالاستقالة في 22 تشرين الثاني 1990 . وفي وضعها الحالي صرحت: “بعد مشاورات عدة مع زملائي خلصت إلى أن وحدة هذا الحزب وإمكانية الفوز في الانتخابات العامة سيكون أفضل في حال تنحيت جانباً تاركة المجال لزملائي في الحكومة الدخول والاقتراع ؛ ولازماً علي أن أشكر جميع من في الحكومة وخارجها على منحهم لي الدعم الدائم.”
وفي 28 تشرين الثاني 1990 رحلت تاتشر من 10 Downing Street واستقالت رسمياً.

تاتشر بعد خروجها من 10 Downing Street
تاتشر بعد خروجها من 10 Downing Street

الحياة بعد السياسة:

وبعد فترة قصيرة من تركها الوزارة، عينت تاتشر في منزل النبلاء كبارونة كيستيفن عام 1992 . وكتبت عن مسيرتها وتجاربها كقائدة عالمية وكامرأة رائدة في الميدان السياسي في كتابين :
The Downing Street Years” 1993
“The Path to Power” 1995
وفي 2002 نشرت كتابها ” The Statecraft” الذي قدمت فيه رؤيتها في السياسة العالمية.

وفي هذه الفترة عانت تاتشر من سكتات دماغية. وفجعت بخسارة شخصية في 2003  ، حيث توفي زوجها دينس الذي رافقها 50 عاماً. وفي السنة التالية فجعت مرة أخرى بخسارة صديق وزميل قديم رونالد ريغن. وبالرغم من البنية الصحية المتردية قامت تاتشر بتأبين في أثناء جنازته ناشرة شريطاً مصوراً تمدح فيه ريغان بصفته رجلاً سعى إلى إصلاح روح أميركا المجروحة، ونشر القوة في هذا العالم الحر، وتحرير العالم من عبودية الشيوعية.

في 2005  احتفلت تاتشر بعيد ميلادها ال 80 في احتفالية كبيرة حضرت خلالها شخصيات كالملكة اليزابيث وتوني بلير و600 آخرون من أصدقاء وأفراد عائلة وزملاء في الحزب. وبعد سنتين، كشف النقاب عن تمثال قائدة حزب المحافظين القوية في مبنى مجلس العموم.

14 شباط 2008
14 شباط 2008

سنواتها الأخيرة:

بدأت صحة تاتشر بالتدهور في 2010 عندما فوتت احتفالاً في 10 Downing Street بعيد ميلادها ال 85 أقامه ديفيد كاميرو. ولاحقاً في تشرين الثاني 2010 قضت أسبوعين في المشفى عانت من التهاب أليم في العضلات، وفي عام 2011 حضرت عدة مناسبات مهمة كزفاف الأمير وليم في نيسان، وكشف النقاب عن تمثال لرونالد ريغن في لندن حزيران، إضافة لذلك في تموز 2011 أغلق مكتب تاتشر في منزل النبلاء الى أجل غير مسمى، وقد تداول البعض إقفال مكتبها في إشارة إلى نهاية عملها السياسي

عانت أخيراً من مشاكل في الذاكرة نتيجة السكتات الدماغية المتتالية ثم تم إبعادها عن الضوء وعزلها في منزلها الكائن في لندن.
توفيت في 8 نيسان 2013 عن عمر 87 عاماً.
تم مناقشة سياسات تاتشر وأفعالها بين منتقد وداعم موضحين الانطباع الذي خلفته والأثر الذي لا يمحى في بريطانيا والمنظومة العالمية.

ترجم بتصرف عن: BIOGRAPHY

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.