جزيرة ناورو: دولة أم معتقل قسري؟

0 1٬003

جزيرة ناورو أو جزيرة السعادة كما كانت تسمى من قبل أوائل السياح الأوروبيين، وهي المستعمرة البريطانية سابقاً، تعتبر أصغر جمهورية، وثالث أصغر دولة في العالم بعد الفاتيكان وإمارة موناكو.

انتشرت مؤخراً أخبار الجزيرة عالمياً وسط تناقضات تدور حول المخيم القسري المقام على أرضها بالتنسيق مع الحكومة الأسترالية، والعديد من الاتهامات من قبل المنظمات العالمية بانتهاكات لحقوق الإنسان.

موقع الجزيرة:

تقع جزيرة ناورو بمساحة لا تتجاوز 21 كيلو متر مربع -تقريباً بمساحة مطار دولي- في وسط المحيط الأطلسي . عاش عليها السكان منذ حوالي 3000 سنة، بدءاً من القبائل الأصلية البوليزينية (العرق الأصلي في نيوزيلندا وجزر الأطلسي)، وأقرب جزيرة مجاورة لها كيراباتي، تبعد 300 كم وسط المحيط.
كمستعمرة ألمانية في القرن التاسع عشر ومحمية أسترالية حتى أواسط القرن العشرين، كانت ناورو من أغنى المناطق على وجه الأرض.

اقرأ أيضاً على أعجمي: باريس في الصين

الجزيرة والفوسفات:

تعد الجزيرة مصدراً مهماً للفوسفات الذي يشكل جزءاً كبيراً من جغرافيتها، حيث كانت في فترة ذهبية من تاريخها في ستينات وسبعينات القرن التاسع عشر المصدر الأساسي للفوسفات الذي يعد المخصب الرئيسي للتربة في كل أنحاء العالم.
في سنوات ما بعد استقلالها في العام 1968 وخاصة في أواسط الثمانينيات، كانت تحتل المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية من حيث الناتج القومي للفوسفات وهو المقيم الأساسي لاقتصاد الدول.

المصدر: amusingplanet
صورة تظهر ما تبقى في هذا الموقع بعد استخراج الفوسفات منه

ولكن الأوقات السعيدة لم تدم طويلاً، ومخازن الفوسفات بدأت تنضب، إضافة إلى سوء استخدامها من قبل شركات التصدير الخارجي، والعديد من الحكومات الفاسدة التي تعاقبت على حكمها، جميع هذه العوامل أدت إلى تدهور الاقتصاد وإفلاس البنك المركزي وأصبحت ساحة لغسيل بلايين الدولارات، حتى أن الحكومة اضطرت إلى بيع جوازات سفر للأجانب الراغبين بزيارة الجزيرة، واستعملت الحكومات المتعاقبة عضويتها في الأمم المتحدة لكسب الأموال مقابل الاعتراف بدول جديدة على الساحة الدولية (كجمهوريات أبخازيا وجنوب أوسيتا المدعومة من قبل روسيا). كل هذه المحاولات للنهوض بالاقتصاد باءت بالفشل.

بعد نضوب الفوسفات، وصلت نسبة البطالة إلى أكثر من تسعين بالمئة، إضافة إلى انهيار النظام التعليمي بشكل كامل مما أدى إلى تدمير مستقبل جيل من الأطفال.
يعاني سكان الجزيرة حالياً -نظراً لفقدان الوظائف- العديد من المشاكل الصحية حيث تبلغ نسبة البدانة حوالي 94 بالمئة، وفي العام 2007 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن هذه النسبة هي الأعلى عالمياً، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى نمط الحياة الجديد للسكان وقلة العمل والنشاط الجسدي وهذا ما يزيد من نسبة أمراض السكري والقلب التي يعاني منها معظم سكان الجزيرة.

استقبال الجزيرة للاجئين:

جميع هذه العوامل أدت الى اعتماد الجزيرة بشكل كامل على البلدان المجاورة، وخاصة أستراليا التي تضخ الملايين من الدولارات وتحاول تأمين أكبر عدد ممكن من فرص العمل، لذلك وافقت الحكومة على مركز الحجز القسري لطالبي اللجوء القادمين إلى أستراليا عن طريق البحر حيث تنقلهم الحكومة الأسترالية إلى ناورو، بعد أن أعلن رئيس الحزب الليبرالي و رئيس الوزراء الأسترالي السابق جون هاورد أن أستراليا لن تقبل باللاجئين عن طريق البحر إلا بعد دراسة معمقة لطلباتهم والتي تأتي غالباً بالرفض.

طالبي اللجوء القادمين من استراليا الى ناورو عن طريق البحر
طالبي اللجوء القادمين من استراليا الى ناورو عن طريق البحر

إن هؤلاء اللاجئين يعيشون الآن في ظروف إنسانية صعبة جداً، مع نقص شديد في موارد المياه و الغذاء، ولكن رغم ذلك يحاولون إيصال صوتهم بأي وسيلة للعالم الخارجي عبر وسائل التواصل الاجتماعي رغم محاولات السلطات المتكررة لكبت أصواتهم وأصوات المسؤولين الذين يحاولون إلقاء الضوء على معاناتهم.

إن كلا البلدين، أستراليا وناورو يحتاجان لبعضهما البعض كما يحتاجان مخيم الاعتقال القسري وطالبي اللجوء المحتجزين فيه، من ناحية لضمان البقاء الاقتصادي للجزيرة، ومن ناحية أخرى لإيصال رسالة للعالم بأن طلب الحماية للقارة الأسترالية ليس بالأمر السهل.

مترجم بتصرف عن: theguardian

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.