زها حديد: كيف غيرت الهندسة المعمارية ونظرتها للمرأة؟
زها حديد هذه الفنانة الرائعة – التي كانت تعتبر على نطاق واسع أعظم مهندسة معمارية في عصرها – أعادت تشكيل العمارة في العصر الحديث، وحطمت حاجز تطور المرأة ووصولها إلى قمم الأعمال إلى قطعٍ صغيرة.
زها حديد أعظم مهندسة معمارية في عصرها:
أطلق عليها في البداية اسم “المهندسة الورقية”، حيث أن مخططاتها كانت تعتبر في فترة من الزمن غير قابلة للتنفيذ وعانت تصاميمها لسنواتٍ في الإنتقال من مرحلة الرسم إلى أرض الواقع.
ومع ذلك فإن هذا الأمر لم يدم طويلاً، فبفضل إصرارها الذي لا يتزعزع ونشاطها الشرس، أصبحت زها المهندسة البريطانية، المولودة في العراق مشهورةً ببناء ما لا يمكن بناؤه. ويتم اليوم تكريم إرث زها المستمر، المتجسد في إبداعاتها المنتشرة حول العالم، من خلال تصاميم شعار شركة غوغل (Google Doodle)، تكريماً لليوم الذي أصبحت فيه أول امرأة تفوز بجائزة “بريتزكر” للهندسة المعمارية في 2004. توفيت “حديد” إثر أزمة قلبية في سن 65 في 31 آذار من عام 2016.
عرفت زها؛ مدمنة الكافيين والتدخين، الملقبة بالنجمة، المعروفة أيضاً ب (ملكة المنحنيات) والتي فازت بجائزة (ستيرلينغ) مرتين، بشخصيتها الغير إعتيادية وتصاميمها الغريبة المنتشرة في أنحاء العالم، بما في ذلك أمريكا، الصين وسويسرا مثل: المركز الأولمبي للألعاب المائية في لندن، دار الأوبرا في قوانغتشو في الصين، متحف ريفرسايد في غلاسكو، دار الأوبرا في كارديف باي واستاد كأس العالم لكرة القدم لسنة 2022 في قطر.
وفي حديثٍ لها عن حصولها على الميدالية الذهبية الملكية للهندسة عام 2016، قالت زها أنها لا تزال تشعر بأنها لا تنتمي إلى المؤسسة. حيث اعترفت قائلة: “أعتقد أنني يجب أن أكون جزءاً من المؤسسة الآن. كان يُنظر إليّ دائماً على أنني شخصٌ صعب المراس وذلك لأنني كنت مستقلةً ولديّ شخصيتي القوية. دائماً ما يُنظر إلى المرأة في الهندسة المعمارية على أنها دخيلة. لكن لا بأس، أحب أن أكون على الحافّة”.
وهذا ما يقودنا إلى مسألة كيف أحدثت “حديد” ثورة في مجال الهندسة المعمارية وفي دور المرأة فيها. حيث كانت تشتهر في تجاهل الوظائف المُملة و ميلانها إلى الإختبار والتجربة. ولم تكن ترضى بأن تَحدّ من أفكارها وتصاميمها بالقيود العملية أو بالتكنولوجيا. فبدلاً من ذلك كانت مبانيها المتعرّجة، المنحنية والمستقبلية معقّدة من حيث التصميم الإنشائي، وقد ساعدت من خلال مبانيها الغريبة وتصاميمها اللامعة في تحويل الهندسة المعمارية إلى شيء يمكن للمتفرجين الاستمتاع بالنظر إليه بدلاً من مجرد استخدامه فقط.
اقرأ أيضاً على أعجمي: أنجيلا ميركل – Angela Merkel
أكدت “ديسبينا ستراتيغاكوس” أُستاذة وعميد مؤقت للهندسة المعمارية في جامعة نيويورك ومؤلفة كتاب (Where Are The Women Architects?) في حديثٍ لها لموقع (The Conversation) في أعقاب وفاة زها حديد أنها شكّلت إلهاماً للعديد من زميلاتها المعماريات. وقائلةً: “مع وفاة زها، فقدنا نموذجاً يُحتذى به في مجالٍ لا يحوي إلّا على القليل من أمثالها. هذا لا يعني أنه لا يوجد العديد من النساء المنجزات والملهمات في مجال العمارة، لكن لم تُحقق أيّاً منهن شهرةً كشهرة زها حديد”. وأضافت أيضاً أنه على الرغم من جميع الصعاب والكثير من التحيز، كسرت “حديد” حاجزاً تلو الآخر.
أصبحت زها حديد في السنوات الأخيرة صريحةً على نحوٍ متزايد إزاء التحديات المهنية التي اضطرت إلى التعامل معها لكونها إمرأة. ومن المثير للإهتمام أنه في عام 2013، أخبرت زها موقع (Business Insider) أنها واجهت سلوكاً معادياً للنساء في لندن أكثر من أيّ مكانٍ آخر. وقالت مرةً في محادثةٍ لها مع صحفي: “أنا لست أوروبية، ولا أقوم بأعمالٍ تقليدية، بالإضافة إلى أنني امرأة، هذه الأمور تجعل كل شيءٍ سهلاً من جهة، ولكن من جهةٍ أُخرى تجعلها صعبةً جداً”.
ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من شهرتها الكبيرة إلّا أنها لم تَسلم من الجَدَل، حيث تلقّت العديد من الإنتقادات عن مركزها الثقافي في أذربيجان الذي تبلغ قيمته 250 مليون دولار من قِبل ناشطين في حقوق الإنسان، عندما أُجبر إنشاء المبنى العائلات على إخلاء الموقع، بالإضافة إلى عدد من المشاريع الأُخرى.
ومع ذلك، مهما كان شعورك اتجاه “زها حديد” فلا يُمكن أبداً إنكار أنها كانت قوةً لا يُستهان بها ورائدةً في عالم العمارة. وعلى حدّ تعبير مُعلمها “ريم كولهاس” فقد كانت “كوكباً في مدارها الفريد”.
مترجم بتصرف عن: independent للكاتبة: Maya Oppenheim