أخبار سارة قادمة من كوكب المريخ
أخبار سارة قادمة من كوكب المريخ : لقد عثرت مركبة (كيوريوستي) التابعة لوكالة ناسا على آثار لمواد عضوية مَطمُورة في الصخور المريخية بالإضافة إلى اكتشافها “تغيراً موسمياً” في غاز الميثان المُشبع به الغلاف الجوي للكوكب، وهو ما يشير إلى وجود كائنات في وقت ما كانت تتنفس على سطحه.
هذه الاكتشافات نشرت على شكل ورقتين رئيسيتين في المجلة العلمية (Science today) في السابع من حزيران من السنة الحالية. ومع ذلك فالورقتان لا تعدان دليلاً دامغاً على وجود حياة على كوكب المريخ، أو دليل قوي بالضرورة على وجود أي كائن حي قد عاش هناك ولاسيما أن هذه المركبات العضوية المُكتشفة ليست حتى أولى المركبات من نوعها التي تم اكتشافها على الرغم من كونها الأقدم.
تقول المتخصصة في علم الأحياء الفلكية بجامعة أوتريخت الوطنية بهولندا والتي كتبت تعقيباً على الورقتين المنشورتين في المجلة – إينج لويس كيت- “أظن أنه يمكننا تفسير كل هذه الاكتشافات من خلال العمليات الجيولوجية.”
إن العثور على المركبات العضوية – وهي مواد تحتوي جزيئاتها على الكربون وتعتبر إحدى العوامل الأساسية لبدء شرارة الحياة – في صخور يبلغ عمرها 3.5 مليار سنة على الكوكب الأحمر لمن الاكتشافات المُسْتحقّة للاهتمام، وكذلك اكتشاف التغيرات الموسمية لغاز الميثان في الغلاف الجوي لكوكب المريخ الذي لا يقل أهمية.
تنتج الكائنات الحية العديد من المركبات العضوية ناهيك أن الحياة تتطلب وجود هذه المركبات. تبعاً لذلك، فإن آثار المواد العضوية في كوكب المريخ لا تعطي إشارة إلى وجود الظروف الأساسية لنشأة وازدهار الحياة على الكوكب في نفس الوقت التي كانت مزدهرة فيه على الأرض.
(لقد عثرت مركبة “كيوريوستي” على بحيرة قديمة كانت تتدفق فيها المياه في مكان يسمى “Gale Crater” ، وهو المكان نفسه الذي عثرت فيه المركبة على هذه المركبات العضوية المتواجدة منذ مليارات السنين)تضيف كيت: “ربما التغيرات الموسمية لغاز الميثان تعطي تلميحاً ما – من الصعب تأكيده – على وجود إشارة لحياة كانت قد وجدت آنذاك في وقت ما ولا تزال موجودة في بعض الأماكن”
على الأرض، هناك بعض الكائنات الحية (خاصة البكتيريا) تنتج الكثير من غاز الميثان، بالرغم من وجود مصادر أخرى غير حيوية لإنتاجه أيضاً.
اقرأ أيضاً على أعجمي: مكتبة قمرية لحفظ تاريخ البشرية!
ولكن العلماء اكتشفوا آثاراً قديمة لمواد عضوية على كوكب المريخ! فلماذا ليس ذلك بالحدث الجلل؟
تجيب (كيت) قائلة : “أحد أهم الأسباب على ذلك، أن هذا الاكتشاف ليس مفاجئاً بالواقع. “المواد العضوية” في هذا السياق لا تعني شيئاً قد سبق لنا التعرف عليه من خلال حياتنا على الأرض. نحن لم نعثر على بقايا من العشب أو قطع من اللحم أو حتى خلايا ميتة.
تتضمن “المواد العضوية” على مجموعة كاملة من المركبات تحتوي جزيئاتها على الكربون. لذلك فهي تعتبر ضرورية لنشوء الحياة، ولكن هناك العديد من الأماكن التي تتواجد فيها المركبات العضوية ولكن تنعدم فيها الحياة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المركبة (كيوريوستي) عَثرت على جزيئات من مركبات مثل (الثيوفين) و(كبريت ثنائي الميثيل) التي ليست جميعها نادرة في نظامنا الشمسي.
هناك ما يكفي من الكربون والهيدروجين في نظامنا الشمسي بحيث يتفاعلان مع بعضهما البعض بشكل مستمر لتشكيل المركبات العضوية، حتى بدون إقحام أي دور للكائنات الحية في ذلك. وفي أيامنا الحالية على الأرض، نرى انْدِفاق كبير للمواد العضوية من الفضاء الخارجي التي تأتي لنا في صورة غبار كوكبي ونيازك”
وقالت إنه يعتقد أن هذه المواد العضوية تتواجد بوفرة في أرجاء النظام الشمسي. وتوقع العلماء بالفعل أنه في الأيام المبكرة من تَكَوّن نظامنا الشمسي التي كانت تشهد اضطراباً، كانت المركبات العضوية تتساقط على المريخ. (لذلك يمكننا إيجاد مواد عضوية على سطح قمر المشتري لنفس السبب، وقد سبق وعثرت مركبة “كريوسيتي” على مركبات عضوية على سطح كوكب المريخ في عام 2014 ، على الرغم من أنه تم اكتشافها في صخور أحدث من أقرانها.)
هذه المركبات المُكتشفة حديثاً، قد تخدمنا في تأكيد أن الظروف الأساسية لوجود الحياة على سطح المريخ قد وجدت منذ 3.5 مليار سنة مضت ولم تكن أي قوى خارجية (على سبيل المثال، الأشعة فوق البنفسجية) قوية بما فيه الكفاية لفنائها أو تدميرها بالكامل.
يتفق ناشروا الدراسات مع (كيت) ، وقد كتبوا لها ” أنه ليس هناك طريقة لمعرفة أصل هذه الجزيئات، كما أن بعض خصائص الجزيئات تظهر أنها ليست البقايا المباشرة، والتي لم يجرى عليها أي تغيير لأي كائن حي أضاف الباحثون: أن الاكتشافات الجزيئية لا تكشف بوضوح عن مصدر المادة العضوية ويرجح الباحثون أن تكون مصادرها إما بيولوجية أو جيولوجية أو نيزيكية. وجزء من المشكلة هو أن الجزيئات تغيرت كثيراً عند مضي الدهور. ومهما كان الهيكل الكيميائي الذي كانت عليه في يوم من الأيام، فقد كان يعطي مؤشرات عن أصله، ولكنه تبدد منذ فترة طويلة.
ولهذه الأسباب قالت كيت، إن التغيرات الموسمية لغاز الميثان هو الاكتشاف الأجدر بالتحليل والاهتمام. فمن المؤكد أن هناك عمليات جيولوجية بإمكانها أن تتسبب في تَغَيّر مستويات الميثان خلال العام المريخي، حيث تتفاعل المياه والمعادن، ويَنْجُمُ عن هذا التفاعل انبعاث غاز الميثان وقد يتسارع التفاعل ويتباطأ على مدار السنة مع ارتفاع وانخفاض حرارة سطح كوكب المريخ، مما يعطي إيحاء بوجود نبض للحياة على الكوكب بدون أي أثر لكائن حي.
ومن أجل معرفة مصدر اندفاق الميثان، يتوجب على العلماء تحديد مدى انتشاره على كوكب المريخ. بالإضافة لأنهم بحاجة إلى معرفة عمر جزئيات الميثان والكيمياء الخاصة بها ؛ لم تكشف أجهزة استشعار (كريوسيتي) ما إذا كانت جزيئات الميثان قديمة أو حديثة، أو إذا كانت تتضمن على نظائر مماثلة من الكربون إلى غاز الميثان المنبعث من المصادر الحيوية على الأرض.
وتختم كيت قائلة إن الإجابات على هذه الأسئلة ستتطلب المزيد من المعدات ومن ساعات للقياس. ولكن هذه النتائج على الأقل تشير إلى أننا نخطو خطوة إلى الأمام في الكشف عن الحياة على كوكب المريخ.
مترجم بتصرف عن: livescience – للكاتب: Rafi Letzter