إذا كان البحث عن كائنات فضائية في كوننا قد أصبح أمرًا ميئوس منه، فلماذا لا نبحث عنهم في كون مجاور لنا
إذا كان البحث عن كائنات فضائية في كوننا قد أصبح أمر ميئوساً منه، فلماذا لا نبحث عنهم في كون مجاور لنا؟
وفقاً لدراسات جديدة نُشرت في الدورية العلمية (Monthly Notices) التابعة للجمعية الفلكية الملكية البريطانية عن إمكانية وجود كواكب تدب فيها الحياة في الأكوان المتوازية- حتى وإن كانت تتسع بتأثير الطاقة المظلمة.
فكرة أن كوننا يعد واحداً من العديد من الأكوان، ربما اللامتناهية، تعرف بنظرية الأكوان المتوازية أو الأكوان المتعددة. اعتقد العلماء مسبقاً أن الأكوان المتوازية إن وجدت، فإنها يجب أن تخضع إلى معايير صارمة تسمح بِتَشكل النجوم والمجرات والكواكب القابلة لوجود حياة فيها، مثل الموجودة في كوننا الآن.
في دراسة جديدة، قام بها الباحثون بمحاكاة ضخمة بواسطة الحاسوب تهدف إلى بناء أكوان جديدة في ظل ظروف أولية مختلفة. وجد الباحثون أن الظروف الملائمة لوجود الحياة قد تكون أبعد قليلاً مما كنا نتصور في الماضي- تحديداً عندما يأتي الموضوع إلى طاقة غامضة تسمى بالطاقة المظلمة.
اقرأ أيضاً على أعجمي : ماذا يحصل لو دارت الكرة الارضية بعكس اتجاهها؟
الطاقة المظلمة هي قوة غامضة، غير مرئية، يُعتقد وجودها في المساحات الخاوية في الكون. يمكنك القول أنها عدو الجاذبية أو بمثابة قوة مضادة لها؛ بينما تقوم الجاذبية بجذب الأجسام إلى بعضها البعض، فإن الطاقة المظلمة تحرص على تباعدها- ودائماً تكون الغلبة للطاقة المظلمة.
لا يقتصر الأمر على توسع كوننا فقط بفضل الدفع المنتظم والغير مرئي للطاقة المظلمة، ولكن أيضاً معدل هذا التوسع يصبح أسرع وأسرع كل يوم. يبدو أنه كلما وجدت مساحات خاوية في الكون فإن الطاقة المظلمة تحرص على ملئها.
(تختلف الطاقة المظلمة عن المادة المظلمة، فالمادة المظلمة هي شكل وفير للطاقة غير مرئي يُعتقد أنها المسؤولة عن بعض ظواهر الجاذبية الغريبة في كوننا.)
لا يعلم الباحثون ماهية الطاقة المظلمة بالتحديد أو كيف تعمل؛ اعتبرها البعض صفة ذاتية للفضاء – التي أسماها أينشتاين بالثابت الكوني- بينما وصفها الآخرون بقوة جوهرية مع قواعد ديناميكية خاصة بها وسميت بـ(الجوهر- Quintessence( وهناك آخرون لا يؤيدون حتى وجودها. ولكن مهما كانت هي، فالجميع يتفق على أن هناك الكثير من الفرضيات تدور حولها؛ وفقاً لآخر التخمينات المحتملة، فإن 70% من مجمل كتلة المادة للكون شُكلت بواسطة الطاقة المظلمة.
إن مقدار الطاقة المظلمة هو العمود الأساسي للسماح للمجرات بالنمو وزيادة احتمالية نشأة الحياة فيها. فإن عشنا في كون يحتوي على كمية هائلة من الطاقة المظلمة فإن الكون سيتوسع أكثر مع إمكانية تشكل العديد من المجرات، بينما لو كان مقدار الطاقة ضئيل مع وجود جاذبية جامحة فإنها ستتسبب في انكماش المجرات على نفسها دون السماح لأي فرصة للحياة بالظهور.
ولكن السؤال الخاص بـ متى يمكننا القول أن مقدار الطاقة المظلمة “كبير جداً” أو “ضئيل جداً” هو موضوع للنقاش، ويأمل الباحثون في هذه الدراسات الجديدة الجواب عليه.
من خلال العديد من التجارب، استخدم فريق عالمي من الباحثين من إنجلترا وأستراليا وهولندا برنامجاً يساعد في محاكاة الميلاد والموت المحتملين للأكوان الافتراضية المختلفة مع إمكانية وجود سبيل للحياة فيهم. في كل محاكاة أجراها الباحثون، فإنهم ضبطوا مقدار الطاقة المظلمة بقيمة تتراوح من لاشيء إلى ضعف مقدار الطاقة المظلمة الموجودة في كوننا الآن بمئات المرات.
الأخبار السارة:
حتى في الأكوان التي تمتلك ضعف الطاقة المظلمة التي لدى كوننا بثلاثمئة مرة، فإن الحياة قد وجدت طريقها إلى هناك.
يقول (باسكال إلاهي) -باحث مشارك في هذه الدارسة- “أوضحت عمليات المحاكاة أن التوسع المتسارع المنساق بفعل الطاقة المظلمة لديه تأثير كبير على ميلاد النجوم وما يترتب عليه وجود أماكن تزدهر فيها الحياة، وحتى لو قمنا بزيادة مقدار الطاقة المظلمة لمئات المرات فإنها لن تكون كافية لانهيار هذا الكون.”
تعد الأخبار سارة لعشاق البحث عن الحياة خارج الأرض ولعشاق نظرية الأكوان المتوازية. ولكن السؤال الأهم هو: إذا كانت المجرات تبزغ تحت مقدار هائل من الطاقة المظلمة، فلماذا كوننا استطاع الظهور تحت هذا المقدار الضئيل من الطاقة؟
ويقول (ريتشارد بور) -باحث مشارك في الدراسة وأستاذ بمعهد علوم الحاسب بجامعة دورهام -: ” أعتقد أنه علينا البحث عن قانون فيزيائي جديد يفسر لنا الظاهرة الجديدة في كوننا”.
بالتأكيد، إيجاد قوانين فيزيائية جديدة من السهل قوله أكثر من فعله، ولكن العلماء لن يستسلموا بسهولة، ولربح رهانهم فإنه يجب عليهم البحث عن كون متوازي حيث قد سبقتهم كائنات ذكية فيه بإيجاد هذا القانون.
ترجم بتصرف عن : livescience – للكاتب: