اكتشاف يتحدى نظريات تكوّن المجرات

0

اكتشاف يتحدى نظريات تشكّل المجرات! لقد تم اكتشاف مجرة جديدة تبعد عنا 65 مليون سنة ضوئية، لا وجود لمادة مظلمة فيها!

لقد تعلمنا أن المادة المظلمة هي مكوّن أساسي في الكون، وعلى درجة عالية من الغموض، لعدم قدرتنا على رؤيتها أو التقاطها على نحو مباشر. يعرف الفيزيائيون الفلكيون أنها موجودة وذلك بسبب قوى الجذب التي تمارسها على المادة التي نستطيع رؤيتها. وهنالك الكثير من المادة المظلمة في الكون. أكثر من المادة العادية التي تشكّل 5  % من الكون حسب تقدير العلماء.

اكتشاف مجرة جديدة بدون مادة مظلمة

لكن الأمر المفاجئ هو أن مجموعة من الباحثين وجدوا مجرة بعيدة جداً، على بعد 65 مليون سنة ضوئية. ويبدو أنها مكان يخلو من المادة المظلمة. وإذا كانت موجودة “فهي قليلة جداً”، كما عبر بيتر فان دوكوم، عالم فيزياء فضاء من جامعة ييل الأمريكية، ومؤلف أساسي لهذه الدراسة حول المجرة NGC1052-DF2 التي نشرت في مجلة Nature.

يقول فان دوكوم: “إن اكتشاف مجرة جديدة بدون مادة مظلمة أمرٌ غير متوقَّع، لأن هذه المادة الغامضة وغير المرئية هي المادة المسيطرة في أي مجرة. على طول عقود، كان الاعتقاد الشائع يقول أن تلك المجرات ولدت كبقع من المادة المظلمة، وانطلاقاً من تلك المرحلة حدث كل شيء آخر. لكن مجرّة NGC1052-DF2، التي رُصدَت بتلسكوب هابل الفضائي ومن محطتي جيميني نورث و و.م. كيك في هاواي، تحدّت الأفكار الكلاسيكية حول تشكُّل المجرات.

وقال فان دوكوم لصحيفة إل موندو الإسبانية: “لم أكن أعتقد شخصياً أبداً بإمكانية وجود مجرات بدون مادة مظلمة. كان ذلك مفاجأة كبيرة بالنسبة لفريقنا. وبدراسة كتلة مجرات أخرى تبدو شكلياً شبيهة بمجرة NGC1052-DF2، رأينا أنها تحتوي على كميات كبيرة من المادة المظلمة. مثال على ذلك مجرة Dragonfly 44.

في معظم المجرات المعروفة، تشكّل المادة المظلمة المكوّن الأساسي. في المجرات الشبيهة بمجرتنا، درب التبان، من الشائع أن يكون هناك 30  ضعفاً من هذه المادة الغامضة أكثر من المادة العادية. بينما تصل النسبة إلى 400 ضعف في المجرات القزمة.

إقرأ أيضاً على أعجمي: 10 ألغاز في العالم ما زلتم تظنون أنها “ألغازاً”

ما هي الفوارق بين المجرة التي تحتوي على مادة مظلمة والمجرة التي اكتشفت؟

لدى مجرة NGC1052-DF2 ميزة غريبة. إنها كبيرة جداً، تقريباً بحجم مجرتنا درب التبان، لكن لديها عدد أقل من النجوم، أقل بـ 200 مرة. وأيضاً تحتوي على عدد كبير من العناقيد النجمية شديدة اللمعان، أكثر لمعاناً من أي مجرة مدروسة أخرى. يبدو أن هذه الميزات جميعها (الحجم الكبير، اللمعان الشديد، العناقيد النجمية، غياب المادة المظلمة) كلها ميزات متعلقة ببعضها البعض، لكننا لا نعرف بعد كيف. ربما عندما تتشكل مجرة بدون مادة مظلمة، فهذه هي الميزات الناتجة.

إن اكتشاف مجرة جديدة أخرى بدون مادة مظلمة أو مع مادة مظلمة قليلة جداً، وسيكون واحد من الأهداف الرئيسية لهذا الفريق من جامعة ييل. ويعبر فان دوكوم: “في الوقت الحالي ليس لدينا فكرة عن عدد هذا النوع من المجرات، لكن سيكون الأمر مؤثراً جداً عند العثور على أمثلة أخرى تظهر أن هذا النمط هو نمط شائع في تشكّل المجرات، وليس نمطاً فريداً.”

مجرة NGC 1052-DF2
مجرة NGC 1052-DF2

المادة المظلمة

على الرغم من أن المادة المظلمة تبدو أنها تلعب دوراً مهماً في نشوء الكون، إلا أننا بعيدون جداً عن فهم التفاصيل. لأننا على سبيل المثال لا نفهم مما هي مصنوعة، وبالتالي ليس لدينا فكرة عن التطور الذي من الممكن أنها حصلت عليه.

يبدو أن مجرتنا أو المجرات القريبة لديها كمية كافية من المادة المظلمة. تبلغ كتلة المادة المظلمة عادة 4 إلى 5  أضعاف المادة العادية في المجرات اللولبية. يبدو أن هذا النمط يصلح بشكل جيد لعدد من المجرات القريبة نسبياً.

أما الآن وبتطور أجهزة القياس، ننتبه أننا في الواقع نفهم القليل جداً عن المادة المظلمة وديناميكيتها، الأمر الذي سيكون مفيداً لأننا وبناءً على القيام بقياسات دقيقة، قد نصل إلى التعمق في خصائص المادة المظلمة في نهاية المطاف. وعندما تتطور تقنيات الرصد، سوف نصل بشكل عام إلى مفاجآت كبيرة، وسوف نقدّر بشكل أفضل حجم جهلنا.

 

ترجم عن مقال لـ تيريسا غيريرو في موقع el mundo الإسباني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.