مبنى الكونغرس الأرجنتيني – تفاصيل معمارية تروي تاريخ بلد
عندما يتجلى التاريخ في مبنى يعكس في تفاصيله المعمارية والفنية قصة بلد وتاريخ طويل من النضال للحصول على الحرية والديموقراطية. مبنى الكونغرس الأرجنتيني مركز السلطة التشريعية في البلاد وظيفياً، وصورة فنية مبهرية جمالياً، وتفاصيل غنية من أعمال فنية لفنانين مشهورين من طول البلاد وعرضها.
في عام 1889 أرسل الرئيس الأرجنتيني خواريس سيلمان مشروع قانون إلى الكونغرس الأرجنتيني يقترح موقعاً جديداً للقصر التشريعي في المربع في وسط مدينة بوينس آيرس، وذلك لوضع موقع ثابت للسلطة التشريعية في البلاد وإنشاء مبنى الكونغرس الأرجنتيني على أبهى صورة. تم تحديد مكان المبنى في نهاية شارع مايو، الذي يقع في طرفه الآخر مبنى الحكومة ومبنى المجلس التاريخي.
جرت في عام 1895 مسابقة عالمية لتصميم المبنى، وربح فيها المعماري الإيطالي فيكتور ميانو. يمثّل مشروع ميانو ثلاثة أفكار رئيسية: الأكاديمية، والانتقائية، والكلاسيكية. وربما من الأمور التي جعلت مشروعه ناجحاً هو وضع قبة بطول 8 أمتار فوق المبنى، والتي تعزز من صرحية المبنى ومن قيمته الرمزية.
وأثناء بناء قصر الكونغرس الأرجنتيني، نشأت فكرة إنشاء ساحة أمامه. وصدر عام 1905 قانون خاص لاستملاك الأراضي التي أمام المبنى وبدأ العمل على الساحة.
قرر النواب في عام 1906 أن الدورة التشريعية التالية سوف تبدأ في المبنى الجديد، الذي لم يكن بعد قد انتهى. افتتح مبنى الكونغرس الأرجنتيني الجديد في 12 أيار 1906 بحضور الرئيس خوسه فيغيروا ألكورتا ضمن غابة من القضبان الحديدية وعناصر إنشائية أخرى، حيث كانت أقسام كثيرة من المبنى لم يكتمل بناؤها بعد. اكتمل المبنى بشكل نهائي عام 1946، عندما تم إنهاء آخر قسم من عملية البناء، وهي إكساء الواجهات الخارجية بالرخام.
في 28 كانون الأول عام 1993، أصدرت السلطة التشريعية قراراً بتسمية مبنى الكونغرس الأرجنتيني الجديد “معلماً تاريخياً وفنّياً وطنياً.”
قبة مبنى الكونغرس الأرجنتيني
يمكن رؤية قبة مبنى الكونغرس الأرجنتيني التي يبلغ طولها 8 أمتار من شارع مايو في منظور عمراني لا مثيل له. تلحق بقاعدتها المدعمة بالإسمنت المسلح أربعة شرفات، وتغلف القبة طبقة من النحاس، التي تضيف لوناً أخضراً مميزاً على الأجواء المحيطة.
تماثيل لولا مورا
المنحوتات التي تتواجد على كلا طرفي المدخل هي منحوتات أصلية، نفّذتها النحّاتة الأرجنتينية لولا مورا من أجل افتتاح القصر التشريعي. تمثّل المنحوتات التي على الجهة اليسرى الحرية والتجارة وأسدين اثنين، أما المنحوتات التي تقع على الجهة اليمنى فتمثّل السلام والعدل والعمل.
الكوادريغا
فوق الجبهة المثلثية المحمولة على ستة عواميد كورنثية والتي تشكّل المدخل الرئيسي للقصر، يتواجد ذلك التمثال الكبير من البرونز بطول 8 أمتار وبوزن 20 طن، الذي نفّذه النحّات فيكتور دي بول. تمثّل المنحوتة الجمهورية المنتصرة، على شكل عربة تجرها أربعة خيول.
تماثيل النصر المجنحة
يمكن رؤية هذه التماثيل على الزوايا الأربعة من مبنى الكونغرس الأرجنتيني، والتي نفّذها أيضاً النحّات فيكتور دي بول. هنالك تمثال واحد على كل واحدة من الزاويتين الأماميتين، وتمثالين اثنين على كل زاوية من الواجهة الخلفية، وبذلك يكون العدد الكلي 6 تماثيل.
إقرأ أيضاً على أعجمي: تأسيس مدينة بوينس آيرس.
قاعة الولايات
تشكّل هذه القاعة التذكارية ذات الطابقين جزءاً من المدخل الرئيسي للقصر التشريعي. تمثّل النافذة الزجاجية الملوّنة في الواجهة,الجمهورية الأرجنتينية بخلفية من الحقول الزراعية التي ترمز إلى التقدم الاقتصادي الذي بدوره يؤمن الوحدة السياسية للبلاد فيما بين الولايات.
القاعة الزرقاء
يتألف مسقط القاعة من ثمانية أضلاع تحمل فوقها القبة الهائلة، وأربعة أزواج من الأعمدة التي تحدد المداخل، وسقف من الموزاييك الألماني المزيّن بطريقة فنية، وإكساءات رخامية على الجدران، وأرضية من الغرانيت البلجيكي الأحمر، وأربعة حنيات من رخام أليكانته الوردي التي تحتوي على مزهريات ضخمة من البرونز.
في الأعلى، نجد القبة المزينة من الداخل بأشكال زخرفية والتي تحتوي على فتحة مركزية. يصل ارتفاع القبة من الداخل إلى أكثر من 70 متر. قاعدة القبة مزينة بـ 24 تمثال رمزي تمثّل التجارة والتواصل والمنزل وصيد السمك والنقل، وغيرها من النشاطات الاقتصادية.
الثريا الضخمة في القاعة الزرقاء
تتدلى ثريا ضخمة برونزية من مركز القبة في القاعة الزرقاء من ارتفاع 65 متراً. تزن الثريا 2054 كيلوغراماً ويبلغ طولها 5.20 متر وقطرها 2.90 متر. نفّذها المعرض الصناعي الأرجنتيني عام 1910، من البرونز الذي صُهر من خراطيش الأرسنال الحربي الأرجنتيني.
تروي هذه الثريا التاريخ الأرجنتيني. في مركزها خمس مصابيح على شكل سنابل قمح وقصب سكر، والتي تمثّل المصدر الأساسي للثروة الوطنية في تلك الأوقات: الزراعة. في الخاتم الرئيسي، هنالك ثمان نقوش تمثّل أحداث مهمة في التاريخ الأرجنتيني: الكابيلدو المفتوح، التأسيس الأول للحكومة، معركة سويباتشا، الراية، معركة سان لورينزو، الاستقلال، معبر جبال الأنديز، معركة تشاكابوكو. تترافق هذه النقوش مع خمسة تماثيل أنثوية تمثّل الجمهورية والولايات الخمس التي تشكّلها. وعلى الحلقة العليا من الثريا نجد تماثيل نصفية لرموز مهمة من التاريخ الأرجنتيني: سان مارتين، بيلغرانو، سافيدرا، بويريدون، ريفادافيا، دودريغيز بينيا، كاستيشي، ماريانو مورينو.
قاعة مجلس الشيوخ
للقاعة شكل نصف دائري، وتحتوي على 72 مقعداً وطابقين (ميزانين) مخصصين للعامة والصحافة. القاعة مزيّنة بستائر وسجاد بلون أرجواني تكريماً للتشريعيين الرومان القدماء.
نرى أمام المقاعد المنصة الرئاسية. وعلى الجانبين يجلس الأمناء ونوابهم، وفي الأسفل نجد طاولة المدوّنين.
قاعة مجلس النواب
لدى قاعة النواب شكل نصف دائري كما لقاعة مجلس الشيوخ، لكن أبعادها أكبر بكثير، حيث تتسع لـ 257 مقعد.
تتألف هذه القاعة من ثلاث طوابق مطلّة على مركز القاعة. يسيطر الرخام الملوّن والأعمدة التذكارية على الأجواء، وكذلك النافذة الزجاجية الملوّنة الكبيرة التي تحتوي على الرمز الوطني المحاط بأشكال رمزية أخرى.
قاعة “الخطوات المفقودة”
تعمل هذه القاعة وظيفياً كبهو تمهيدي لقاعة مجلس النواب. وتستخدم بسبب أبعادها للمؤتمرات الصحفية أثناء انعقاد الجلسات البرلمانية، وللنشاطات الثقافية، وللجنازات الخاصة بالشخصيات المهمة.
وتُعرض فيها رسومات تاريخية ذات أبعاد ضخمة. مثل لوحة أنتونيو أليسه “مؤسسو الـ 53” (1935) ولوحة خوان مانويل بلانيس “الرئيس خوليو أرخنتينو روكا يفتتح العصر التشريعي” (1986). تتوج القاعة نافذة زجاجية ملوّنة ضخمة برموز تتعلق بفترة الثمانينات: الثروة والعمل والحرب والفنون.
قاعة الشرف
لدى هذه القاعة المخصصة لاستقبال الشخصيات الرسمية نوافذ كبيرة بزجاج ملون تتضمن الرمز الوطني وتحيط بها ستائر قماشية وعواميد خضراء مخططة بالرخام البلجيكي. تُعرض على جدرانها أعمال زيتية مهمة: لوحة أنتونيو أليسه “Fray Mamerto Esquiú” ولوحة فيلا وبراديس “التأسيس الحكومي الأول”، ولوحة غيل روي “الأسقف العتيقة”، ولوحة “الجيد والسيء” لروبينيدو.
قاعة أرتورو إشيا
هذه القاعة مخصصة لاجتماعات اللجان والمؤتمرات الصحفية والنشاطات الثقافية المختلفة, وهيمفتوحة للعامة. وأثاثها الأساسي هو أثاث إنكليزي الطراز. وتُعرض على جدرانها لوحات بورتريه زيتية تمثّل رؤساءً ونواب رؤساء أرجنتينيين.
قاعة إيفا بيرون
تم اختيار الألوان الوردية للجدران والستائر والسجاد من قبل إيفا بارون، كرمز لإدخال المرأة في العمل السياسي. كانت هذه القاعة مخصصة لاجتماعات أول ست سيناتورات أرجنتينيات اللواتي دخلن إلى المجلس عام 1952.
المكتبة مبنى الكونغرس الأرجنتيني
تأسست مكتبة مبنى الكونغرس الأرجنتيني عام 1859 لتكون مرجعاً لأعضاء المجلسَين والباحثين والعامة. تم افتتاح قاعة المحاضرات عام 1917.
تُرجم عن مقالة في الموقع الرسمي للكونغرس الأرجنتيني congreso.gob.ar.