التاريخ العرضي للرمز @

0

كان سابقاً من المفاتيح النادرة التي تستخدم في الآلة الكاتبة، أما اليوم فقد أصبح هذا الشكل الرشيق رمزاً للاتصالات الإلكترونية الحديثة.
يطلق عليه “الحلزون” من قبل الإيطاليين و “ذيل القرد” من قبل الهولنديين، @ هو شرط لا غنى عنه للتواصل الإلكتروني، ويعود الفضل في ذلك إلى عناوين البريد الإلكتروني ومقابض Twitter. وقد تم إدراج الرمز @ في المجموعة الدائمة لمتحف الفن الحديث، والتي أشارت إلى استخدامه العصري كمثال على “الأناقة، الاقتصاد، الشفافية الفكرية، والإحساس بالاتجاهات المستقبلية المحتملة التي تكمن في فنون عصرنا”.

أصل الرمز @:

أصل الرمز نفسه، وهو أحد أكثر الأحرف رشاقة ضمن لوحة المفاتيح، فيه شيء من الغموض. إحدى النظريات تقول أن الرهبان في العصور الوسطى، كانوا يبحثون عن اختصارات في أثناء نسخ المخطوطات، قاموا بتحويل الكلمة اللاتينية – ad- التي تعني “باتجاه” أو “toward” إلى “a” مع الجزء الخلفي من الحرف “d” كذيل.
وبعضها يقول أنه جاء من الكلمة الفرنسية à”” والتي تعنيat ، حيث قام الكتبة- الذين كانوا يبحثون عن الكفاءة- بجر طرف القلم حول الجانب والقمة.
أو من الممكن أن الرمز قد تطور من اختصار “each at” حيث يغلف حرفُ “e” حرفَ “a”. وكان أول استخدام موثق له في عام 1536، في رسالة من قبل فرانشيسكو لابي، تاجرٌ فلورنسي، الذي قام باستخدام الرمز @ للدلالة على وحدات من النبيذ والتي تدعى amphorae، وهي عبارة عن جرار كبيرة من الطين يتم شحن النبيذ فيها.

المصدر: shutterstock
الرمز @

اقرأ أيضاً على أعجمي: عدة صور مدهشة من الماضي

أهمية الرمز @ وأسباب إهماله:

أخذ الرمز فيما بعد دوراً تاريخياً في مجال التجارة. استخدمه التجار لفترة طويلة للدلالة على مصطلح “بمعدل” – كما في “12 قطعة @ 1$” (أي أن المجموع 12 دولاراً، وليس دولاراً واحداً، ويدل هذا على الأهمية المحورية للرمز).
ومع ذلك، لم يكن عصر الآلات لطيفاً تجاه الرمز @, حيث لم تشمل الآلات الكاتبة الأولى-التي تم صنعها في منتصف القرن التاسع عشر- الرمز @. وبالمثل، لم يكن الرمز @ من بين مجموعة الرموز المستخدمة من قبل أنظمة الجدولة التي تعتمد على البطاقات المثقوبة (التي كان أول استخدام لها في جمع ومعالجة التعداد السكاني في الولايات المتحدة عام 1890)، والتي كانت بمثابة السلف لبرمجة الكومبيوتر.

إدخال الرمز @ إلى عالم الكومبيوتر:

المصدر: marketingland
إدخال الرمز @ إلى عالم الكومبيوتر

انتهى الغموض الحديث لهذا الرمز في عام 1971، عندما واجه عالم الكومبيوتر راي توملينسون مشكلة مزعجة وهي: كيفية ربط الأشخاص الذين يقومون ببرمجة أجهزة الكومبيوتر مع بعضهم البعض. في ذلك الوقت، كان كل مبرمج متصلاً عادةً بجهاز حاسب مركزي معين عبر اتصال هاتفي ومبرقة كاتبة – وهي في الأساس لوحة مفاتيح متصل بها طابعة مدمجة. لكن هذه الحواسيب لم تكن متصلة مع بعضها البعض، لذلك فقد سعت حكومة الولايات المتحدة إلى التغلب على نقطة الضعف هذه عندما استأجرت شركة BBN Technologies، وهي الشركة التي يقع مقرها في كامبريدج، ماساتشوستس، والتي عمل بها توملينسون، للمساعدة في تطوير شبكة تدعى Arpanet، التي تعتبر بداية الإنترنت.
كان تحدي توملينسون هو كيفية عنونة رسالة تم إنشاؤها بواسطة شخص وإرسالها عبر Arpanet إلى شخص ما على جهاز كمبيوتر مختلف. استنتج توملينسون أن العنوان بحاجة إلى اسم أحد الأفراد، بالإضافة إلى اسم الكمبيوتر، والذي قد يخدّم عدة مستخدمين. والرمز الذي يجب أن يفصل بين عنصري العنوان لا يمكن أن يكون مستخدماً على نطاق واسع في البرامج وأنظمة التشغيل، لكي لا تختلط الأمور على أجهزة الكومبيوتر.

اختيار الرمز @:

المصدر: youtube
المبرقة الكاتبة نموذج 33

وقعت عين توملينسون على الرمز @، المتوضع فوق الحرف “P” على مبرقته الكاتبة من نموذج 33. فأخبر سميثونيان: “كنت أبحث غالباً عن رمز لم يتم استخدامه كثيراً”. “ولم يكن هناك العديد من الخيارات – إشارة التعجب أو الفاصلة. كان بإمكاني استخدام إشارة المساواة، لكن ذلك لم يكن منطقياً”. لقد اختار توملينسون الرمز @، وباستخدام نظام التسمية الخاص به، أرسل لنفسه رسالةً بالبريد الإلكتروني، والتي انتقلت من مبرقةٍ كاتبة في غرفته، عبر Arpanet، وصولاً إلى مبرقةٍ كاتبة أخرى موجودةٍ في نفس الغرفة.
يقول توملينسون، الذي لا يزال يعمل في شركة BBN، أنه لا يتذكر ما الذي كتبه في رسالته الإلكترونية الأولى. لكن هذا مناسب بما أن “الوسيط هو الرسالة” كما قال مارشال ماكلوهان. وبتلك الرسالة، أصبح رمز @ القديم، الذي كان قريباً من الإهمال، المحور الرمزي لثورةٍ في كيفية التواصل بين البشر.

مترجم بتصرف عن: smithsonianmag – للكاتب: William F. Allman

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.