كيف نهضت ألمانيا واليابان من تحت رماد الحرب العالمية الثانية..
استطاعت كل من ألمانيا واليابان تجاوز الآثار المدمرة التي خلّفتها الحرب العالمية الثانية عليهما، لتشكلا قوة اقتصادية عالمية في غضون بضعة عقود فقط. ولكن، كيف استطاعوا تحقيق هذا الإنجاز الاستثنائي بهذه السرعة؟ وما هو الإرث الذي تركته هذه الاقتصاديات الموازية “المعجزات” في يومنا هذا؟
كيف كان وضع كلا البلدين بعد الحرب العالمية الثانية؟
– كلاهما كان في حالة دمار شامل.
– تمّ محو نسبة كبيرة من التعداد السكاني في اليابان إثر الحرب، ضمنها ما يقدر بحوالي 210000 شخص في التفجيرات الذرية التي أصابت مدينتي هيروشيما وناغازاكي وحدها.
– وفقدت ألمانيا الملايين من الجنود والمدنيين، إضافة إلى مئات الآلاف من قتلى آخرين في أوروبا الشرقية المحتلة.
– تسبّبت عمليات القصف البريطاني والأمريكي للمدن الألمانية مثل (Dresden) والتي نُفذت بواسطة متفجرات حارقة تقليدية بعاصفة نارية أدت إلى مقتل حوالي 25000 ألف شخص كما قضت على وسط المدينة التاريخي.
– ربع الثروة الوطنية اليابانية قد تلاشت خلال الحرب .
– بحلول عام 1945، كانت ألمانيا تحت سيطرة قوى الحلفاء في أوروبا وهم (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفياتي، بريطانيا، وفرنسا).
– تمّ احتلال اليابان من قبل الولايات المتحدة وذلك بعد إعلان اليابان استسلامها بشكل رسمي.
اقرأ أيضاً على أعجمي: معركة واترلو
ما هو الوقت الذي أخذته كل من الدولتين للتعافي؟
– أصبحت اليابان صاحبة ثاني أكبر اقتصاد عالمياً بعد الولايات المتحدة عام 1968، بمتوسط معدل نمو يصل إلى 9% سنوياً وذلك بين عامي 1955 و 1973.
– تطورت ظاهرة “Wirtschaftswunder” بشكل سريع، وهو مصطلح ألماني يعني “المعجزة الاقتصادية الألمانية” لتجعل هذه الظاهرة من ألمانيا الغربية ثاني أكبر قوة اقتصادية عالمياً بحلول الخمسينات.
– خلافاً لألمانيا التي تمّ تشكيلها من قبل أربعة حلفاء منتصرين، كان على اليابان أن تعمل على تعافيها في الوقت الذي كانت تحتلها فيه قوة واحدة .
– صّرح البروفيسور Tag Murphy بكتاب صُدِرَ له مؤخراً بعنوان (اليابان وأصفاد الماضي). “أخذت الولايات المتحدة على عاتقها تحمل مسؤولية أمن اليابان”، الأمر الذي سمح لها بالتركيز على تعافيها الاقتصادي.
ما هو التأثير الذي تركته الحرب الباردة على السياسة الاقتصادية؟
– في عام 1949 ، انقسمت ألمانيا إلى بلدين، بلد مع المناطق المحتلة التي تنتمي إلى القوى الغربية الثلاث التي اندمجت لتشكّل جمهورية ألمانيا الاتحادية، أما جمهورية ألمانيا الديموقراطية فتمّ إنشاءها من قبل الاتحاد السوفييتي.
– لم يتم إعادة توحيد ألمانيا بشكل رسمي إلا عام 1990.
– تلقت جمهورية ألمانيا الاتحادية مساعدات بقيمة 1.3 مليار دولار لإعادة الإعمار تبعاً لخطة مارشال التي تمولها الولايات المتحدة، لكن رئيس الاتحاد السوفييتي “جوزيف ستالين” رفض الأموال الأمريكية التي قُدِمت لجمهورية ألمانيا الديموقراطية.
– تبعاً لاتفاقية لندن للدين عام 1953، تمّ شطب 60 % من القروض والتعويضات الألمانية.
– إنّ تأسيس اقتصاد ألمانيا الغربية الذي بُني على خطوط رأسمالية من قبل المستشار والمحافظ Konrad Adenauer ووزير المالية Ludwig Erhard قد شهدا على الازدهار الذي حصل بشكل متسارع جداً وذلك بين عامي 1946 و 1975، حيث بلغ معدل النمو السنوي حوالي 7%، كل ذلك على الرغم من اختبارها حالة ركود خلال كل تلك السنوات.
– انخفضت نسبة البطالة من 11 % عام 1950، إلى 0.7% عام 1965.
– استمر الاحتلال الأمريكي لليابان حتى عام 1952 ، جرت خلال هذه الفترة محاولات عدة لتفكيك تكتلات الشركات اليابانية المعروفة باسم “zaibatsu”.
– شكلت الحرب الكورية التي قامت بين عامي 1950و 1953 فترة ازدهار للشركات اليابانية التي كانت قوتها الصناعية والتكنولوجية مطلوبة بشدة من قبل القوات الأمريكية .
– في الوقت ذاته، أدى ارتفاع الأجور في اليابان إلى خلق طلب من قبل المستهلكين بشكل أكبر على الأجهزة المنزلية والسلع الأخرى.
ما الأسباب التي أدت إلى ارتفاع النمو بعيداً عن سياسة الحكومة؟
السبب الرئيسي المسؤول عن التحول الاقتصادي في اليابان وألمانيا كان مرتبطاً بالشركات التي يتصف موظفيها بالولاء التام المُكتسب من الوعود التي تعطيها الشركات نفسها برفع الرواتب المعيشية والترقي في العمل وأسلوب الحياة، كما كانت المنتجات المبتكرة التي تمّ تصديرها في جميع أنحاء العالم سبباً إضافياً مسؤولاً عن زيادة النمو.
وسواء كانت تكتلات اقتصادية تمّ تشكيلها ما قبل الحرب مثل Mitsubishi أو Sumitomo، أو شركات أصغر من تلك السابقة تشكلت أيضاً ما قبل الحرب مثل شركة Toyota لصناعة السيارات أو شركات جديدة تمّثل علامات تجارية مشهورة جداً حالياً – مثل مستهلكي إلكترونيات شركة SONY العملاقة و شركة Honda لتصنيع السيارات- ووفقاً للخبراء، الشركات اليابانية هي مؤسسات هرمية حازمة تشبه العائلة أو المؤسسة الدينية.
– ساعد التنسيق المحكم الذي قامت به وزارة الصناعة برفع سوية النمو الاقتصادي.
– حسب تصريح Ivan Tselichtchev ، الاقتصادي في جامعة Niigata “توفر البنية التحتية البشرية بيئة مواتية للغاية، إنّ اليابان لديها مجموعة كبيرة من العمال ذوي الدوافع العالية والمنضبطة، وسريعة التعلم، كما أنها مستعدة (بشكل مبدأي) للعمل بساعات طويلة مقابل أجور منخفضة، وملتزمة حقاً لخدمة شركاتهم”.
– تمّ الوصول إلى هذه النتائج من خلال تشكيل نموذج فريد لشركة يابانية مترافقة مع فترة عمالة طويلة الأجل، أقدمية واتحادات الشركات التعاونية كأعمدة وأركان لها .
– في ألمانيا، كان ينظر إلى جميع الشركات بما في ذلك Volkswage ، Siemens وThyssen التي تعمل في مجالات صناعة السيارات والإلكترونيات والهندسة، على أنها دعائم أساسية للنمو في فترة ما بعد الحرب.
أين تقف اليابان وألمانيا على مستوى العالم اليوم؟
تقدمت الصين في الناتج المحلي الإجمالي السنوي في عام 2010 لتشغل اليابان المركز الثالث الحالي لها على الصعيد العالمي.
– عند تولي Chinzo Abe رئاسة الوزارة في آواخر عام 2012 ، قام بإطلاق سياسة محاربة الإنفاق التي دعت إلى الإصلاحات الاقتصادية مع تحفيز وتطوير سياسة البنك المركزي.
– إن الموت البطيء لثقافة العمل مدى الحياة مع زيادة الاعتماد على أسلوب العمل بشكل جزئي أو التوظيف الغير رسمي يعني أن العمال في اليابان -لا الشركات التي تقوم بتوظيفهم- بل العمال وحدهم يتحملون تقريباً جميع الأعباء التي تأتي مع المرونة المحدودة لسوق العمل.
– تشغل ألمانيا اقتصادياً المركز الرابع عالمياً، فقد مكنتها الإصلاحات التي قامت بها العقد الماضي من خلق فرص للعمل وتخفيض نسب البطالة إلى أدنى معدلاتها بين اقتصاديات الدول المتقدمة، لتبلغ نسبتها حالياً حوالي 6%.
– مع ذلك، فإن العديد من الشركات تعاني من تباطؤ الصين والتقلبات الأخيرة التي أتت مع مسألة الأزمة اليونانية، أما دور ألمانيا الأساسي كعضو في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى تأثيره القوي على اتجاه العملة الأوروبية الموحدة فهو تحت التدقيق.
– بينما تمثل دول اُخرى من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أكبر سوق للصادرات الألمانية.
مترجم بتصرف عن: gulf-times