هل المخلوقات الفضائية خرافة أم حقيقة؟
التفكير في احتمالية وجود الكائنات الفضائية في كوننا الواسع مخيفة جداً و مثيرة للجدل، لكن هل هذه الاحتمالية حقيقة أم مجرد هراء؟
الجدل الأكبر في القرن الواحد و العشرين:
ينقسم العالم اليوم إلى فريقين، الأول مقتنع بعدم وجود أي منطق أو دليل على احتمالية وجود حياة أخرى على أي كوكب آخر، بينما يرى الجانب الآخر أن الموضوع بسيط و سهل الإجابة عليه، فالعلم يؤكد احتمالية وجود حياة خارج كوكبنا الأم.
كل من الفريقين لديه أسبابه المنطقية و العلمية المقنعة في تأكيد إجابته، حيث قال (ميشيو كاكو) وهو عالم فيزياء نظري أمريكي: “هناك احتمالين فقط، إما أننا وحيدون في هذا الكون أو لا، لكن المريب بالأمر أن الفكرتين مخيفتين جدّاً على حدِّ سواء.”
كيف يمكن للعلم أن يؤكد احتمالية وجود حياة أخرى في هذا الكون، ولا دليل لها بعد؟
يقوم العلم بشكل دوري بتحرّي الحقائق و الأفكار المنطقية و إثبات صحتها أو نفيها و العمل على الاستفادة منها في حياتنا اليوميّة إن أُمكنَ. فهل تندرج فكرة الحياة خارج كوكبنا تحت هذه الخصائص؟
من المسلمات أن العلم لم يتوصل حتى يومنا هذا إلى أي دليل يؤكّد وجود حياة ذكية خارج كوكب الأرض و لكن السعي نحو الإجابة على هذا السؤال يعتبر من أكثر المواضيع العلمية و الفلسفية انتشاراً في القرن الواحد و العشرين. فقد قدّم علماء الفيزياء النظرية والفلاسفة الكثير من الأوراق العلمية و الكتب الفلسفية حول هذا الموضوع بعد منتصف القرن الماضي، ممّا أثار العلماء و شجّعهم لإيجاد جواب علمي ينطلقون منه في مناقشة احتمالية وجود كائنات أخرى خارج كوكب الأرض.
بدأت هذه المسيرة العلمية في منتصف القرن العشرين بواسطة العديد من العلماء من شتّى المجالات (الفيزياء، الكيمياء، العلوم الطبيعية والفلسفة)، حيث أكدّوا جميعهم على الفرق الشاسع بين وجود حياة بشكل بسيط و غير معقد، و وجود حياة ذكية معقّدة تشابه تلك التي نشأت على كوكبنا. توصّل العلماء على أن الحياة البسيطة يمكن أن تتشكل في ظروف بيئية صعبة جدّاً لم ندرك احتماليتها من قبل، فعلى كوكب الأرض، هناك الكثير من البقاع النائية التي تفتقر للضوء أو الماء أو الحرارة المناسبة أو حتى الأوكسجين لتشكيل حياة، ولكنّ على الرّغم من ذلك هناك الكثير من الكائنات الصغيرة التي تحدّت كلّ هذه الظروف و تأقلمت في أوساط بيئية لا يستطيع الإنسان تحملّها لأكثر من ثوانٍ فقط، وأحدث الحقائق التي أكدت هذه الفكرة هي اكتشاف ناسا مؤخرّاً لنوع من أنواع الميكروبات التي تعيش على قمر من أقمار المشتري.
أما من ناحية الكائنات الذكية المعقدة، فالموضوع يختلف كلّياً، فالظروف البيئية المناسبة تلعب دوراً أساسياً في تشكّلها و تطورها، لذلك قدّم عالم الفيزياء الكوني الشهير (فرانك دريك) عام “1961” معادلة رياضيّة تعطي احتمالية تطور حياة ذكية على كوكب ما وهي؛
وهذه المعادلة ليست مجرّد خيال علمي و إنما تقوم على قيم منطقية وعلمية مثبتة. فوفقاً لهذه المعادلة فإن احتمالية وجود حياة ذكيّة في مجرّتنا درب التّبانة يساوي تقريباً ١ على ٩ مليار. في البداية يتهيّأ لنا أن الاحتمالية قليلة جدّاً، و هي كذلك بالفعل، لكن عدد الكواكب في مجرّتنا ضخم جدّاً لدرجة أنه لا يمكننا إحصاءه، ففي دراسة علمية حديثة أُثبت أن عدد الكواكب في مجرّة درب التّبانة وحدها يفوق عدد حبّات الرمل على سطح الكرة الأرضية بعشرات الأضعاف، و عدد المجرات يفوق تصورنا و استيعابنا بمراحل. هذه المعادلة الرياضية باتت تؤكد احتمالية وجود حياة ذكية في مجرتنا.
اقرأ أيضاً على أعجمي: 100 كوكب جديد!
لماذا لم نرى أي دليل على وجود حياة أخرى بعد؟
يعتبر هذا السؤال من أكثر الأسئلة تهديداً لهذه المعادلة. يتداوله جميع المقتنعين بعدم وجود حياة خارج كوكبنا في أي نقاش علمي أو فلسفي.
الإجابة عليه علميّاً و بدقّة صعب جدّاً ولا يمكن البدء به لكونه سؤال فكري أو فلسفي و ليس علمي ولا يمكن إجراء تجارب علمية لإثباته أو نفيه.
على الرّغم من ذلك، أصرّوا علماء الفيزياء النظرية، المفكرون والفلاسفة على إيجاد أجوبة منطقية حول هذا الموضوع، فهناك عدة احتمالات: أشهرها، أنه من المستحيل السفر بسرعة الضوء للوصول إلى كواكب أخرى, فبحسب قوانين الفيزياء الكلاسيكية لا يمكن لجسم ذو كتلة كبيرة أن يسافر بسرعة الضوء. ولكن إذا تمكنت حضارة ذكية من التوصل إلى بناء مركبات فضائية قادرة على ذلك فإننا نتعامل مع كائنات ذكّية جدّاً بإمكانها زيارتنا عشرات المرات في اليوم الواحد من دون أن نلاحظ حتى وجودهم حولنا. و من ناحية أخرى، يرى العديد من العلماء أن ذكاء الحضارة نفسها يتسبّب بقضائها على نفسها في نهاية المطاف، بعد اختراعهم لأسلحة فتّاكة. بالإضافة إلى العوامل الطبيعية التي يمكن أن تدّمر أي حضارة كالنيازك، شحّ الموارد الطبيعية أو ببساطة انتهاء دورة حياة الكوكب نفسه.