متى يزيد خطر الفصام عشرة أضعاف؟
إذا كان أحد أقاربك مصاباً بمرض عقلي، فإن خطر الإصابة به عندك يزداد بشكل ملحوظ. فهل ينطبق هذا بشكل خاص على الفصام والاكتئاب أيضاً؟
للوهلة الأولى، لا يبدو أن الفصام والاكتئاب لهما الكثير من القواسم المشتركة. حيث أن الفصام يعتبر مرض ذهاني شديد لا يعترف به المتضررون على هذا النحو. فهم يفقدون الارتباط المنطقي بالواقع ويعانون غالباً من الهلوسة أو سماع الأصوات أو رؤية الأشياء الغير موجودة. أما في حالة الاكتئاب، فإن المتضررين يدركون جيداً أن لديهم مشكلة؛ فهم فقط عاجزون عن التغيير، حزينون من الدّاخل، ويشعرون باليأس. وقد وجد العلماء في السنوات الأخيرة أن هناك علاقة بين هذين المرضين. وبالتالي فإن التغيرات في الجينات نفسها تلعب دوراً في تطور الفصام والاكتئاب.
وفقاً للدراسات السابقة، فإنه من المعروف أن كل من هذين المرضين وراثي لدرجة عالية جداً؛ فالآباء المتضررين يعطون ذرية عرضة للإصابة بمرض عقلي، والتي يمكن أن تؤدي إلى ظهور المرض عند البعض منهم بعد تعرضهم لحالات توتّر عالية الحدّة.
إذا كان الأب أو الأم يعاني أحدهما من مرض انفصام الشخصية، فإن خطر إصابة الطفل بالفصام خلال حياته هو “13” في المئة، بينما خطر الإصابة بالمرض لطفل أبواه سليمين هو “1” في المئة فقط. أما في حالة الاكتئاب، الوراثة أعلى من ذلك؛ فالخبراء يقدرون ذلك بنسبة “35” في المئة.
اقرأ أيضاً على أعجمي: الكآبة نتيجة لسعي جيل الألفية الجديدة نحو الكمال
هل يمكننا تحديد مخاطر الإصابة بالمرض للأشقاء؟
حتى الآن، لم يتم إجراء سوى القليل من الأبحاث لتحديد مدى خطورة الإصابة بأحد هذين المرضين إذا كان قد حدث بالفعل عند أحد الأشقاء. وقد قام الباحثون بقيادة “مارك فايزر” من مركز “شيبا الطبي”، وحصلوا على بيانات من أكثر من 6000 مريض، وجميعهم تلقوا العلاج النفسي. ثم نظروا إلى عدد المرات التي كان فيها إخوة وأخوات هؤلاء المرضى يعانون من أمراض نفسية حادة -مقارنة بحوالي 75،000 من المصابين (كمجموعة ضبط) بدون أخوة مصابين.
في مؤتمر الكلية الأوروبية لعلم الأعصاب العصبي في “فيينا”، قدم العلماء مؤخرا النتائج.
ووفقا للنتائج، تبيّن أن المشاركين في الدراسة لديهم خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة ستة أضعاف زيادة خلال حياتهم، إذا كانوا يملكون شقيق أو شقيقة يعاني من الاكتئاب. وكان خطر الإصابة بأمراض عقلية أخرى أعلى بكثير؛ فقد كان أعلى ب 9 مرات مما هو عليه في مجموعة الضبط.
أما بالنسبة لأولئك الذين لديهم أخ أو أخت مع مرض انفصام الشخصية، فقد كان خطر الفصام بنسبة عشرة أضعاف زيادة. ووجد الباحثون أيضا أن هناك أيضا ستة إلى ثمانية أضعاف خطر متزايد مما يسمى اضطراب الفصام والذهان؛ حيث انها نوع من الارتباط بين الاكتئاب والانفصام، يعاني المتضررون به أعراض الفصام والاكتئاب إما في تتابع أو حتى في وقت واحد.
وقال “مارك ويسر” في بيان صحافي: “هذه دراسة كبيرة تسمح لنا أخيراً بتحديد المخاطر التي يتعرض لها أشقاء المرضى النفسيين؛ وهناك أعداد مثيرة للإعجاب جداً؛ يمكن استخدامها بشكل جيد جداً في المستقبل، لتحسين إلقاء الضوء على الأساس الجيني للمرض العقلي -وبالتالي ربما تحسين خيارات العلاج”.
مترجم بتصرف عن: Welt – للكاتبة: Fanny Jiménez